السبت، 18 أغسطس 2012

كبرت

عندما كنت صغيرة كنت اخشى أن تموت أمي، لم يكن خوفاً عاديا ابداً كانت ومازالت هي اكبر مخاوفي، كنت دائما بعدما استيقظ من نومي اتجه مباشرة إلى غرفتها وانظر إليها من بعيد وهي نائمة لأتاكد أنها حية وإذا كان صدرها يتحرك أم لا واحيانا عندما كنت لا الاحظ حركة صدرها أضع يدي عليه لأرى هل يتحرك، هي حية ام لا، ومرة من المرات استيقطت أمي عندما وضعت يدي على صدرها، ارتبكت حينها، كنت لا اريدها ان تعلم السبب الأساسي لفعلي هذا.

استيقظت أمي ورأت يدي على صدرها وهمت وهي شبه قلقة لماذا انا مستيقظة في هذا الوقت: ماذا تريدين يا عزيزتي؟! 

قلت لها أريد أن أكل، أنا جائعة ..

أنا الآن كبرت، ومازالت تلك هي أكبر مخاوفي، أن افقد أمي، ولكني لم أعد أستطيع أن أمد يدي على صدر امي يمكنني ان أراقب تنفسها من بعيد فقط، لأنه أصبح بإستطاعتي أن اعد طعامي بنفسي إن كنت جائعة .. ليست هناك مبررات أخرى .. 

اتذكر ايضاً انني مرضت يوما كاملاً وارتفعت حرارتي وتقيأت كلما أكلت شيئاً أو شربت رشفة ماء، يومها شعرت بأنها اشد ما وصلت إليه من الإعياء والتعب ولكني كنت مخطئة، كنت لا أعلم شيئاً حينها ولا أعرف ما هو الألم، أما الآن فأنا أعرف تماما ماهو الألم ! الألم هو موعدي الشهري مع الدورة الشهرية كل فتاة تعلم تماما ماذا يعني هذا الألم، محت آلام الدورة كل الآم الطفولة واعياء الزكام وارتفاع الحرارة، من الممكن أن تكون الآم الولادة أصعب واقوى ولكن كل ما اشعر به بأن كل الألم مرتكز في الجزء السفلي من بطني، الالام كانها ضربات متتالية في كل جزء من رحمي ابت ان تكون في اي مكان اخر غير الرحم، هذا الجزء الذي اشعر انه هلك ليأتي من جديد الشهر المقبل، ليس هذا فقط انما يصاحبه الام ضهر وساقين لأستيقظ اليوم التالي بعد هذه المعركة واجد ان جسدي محطم تماما .. تماماً، ولا يجد ما يمكن أن يفعله غير النوم.

كبرت وادركت ان هناك الام كثير، الام تهلك حقاً وتشعرني بأنني كأنثى خلقت لتتعب.

كبرت وادرت أن ماتعلمناه في المدارس من خط النسخ اصبح لا يستمعل الان وقواعد الكتابة واصبح الرقعة والنسخ مختلطان ببعضهما البعض، كبرت ولم أعد اكتب نقطتي التاء كما يجب، اصبحت مجرد شرطة بدلاً من النقطتين.    

كبرت واكتشفت انهم لم يعلمونا شيئاً إطلاقاً، إنما نحن علمنا أنفسنا في الحياة.

كبرت واصبحت جزءاً من مشاكلنا العائلية وليس طفلة يجب إبعادها عن هذه الخلافات .. 

كبرت واصبح بيت أبي وأمي بكل صراحة مكان غير صالح للمعيشة بسبب الخلافات الأسرية .. 

كبرت ولم تصبح متعتي مع صديقتي هي ركوب الاراجيح، أصبحت أقضي أوقات فراغي في الحديث معها . 

كبرت ولم أعد أبكي عندما تفوتني صلاة، بل أصبحت اتساهل فيها واؤخرها وأحياناً أنام دون أن أصلي .. 

كبرت ولم أعد امتلك مثلاً أعلى ولم أعد أعرف ماذا أريد من الحياة

كبرت ونقمت على وكرهت وتبرأت من مجتمعي لأني فهمت مابداخله جيداً 

كبرت ولم أصبح راضية عن حالي، احببت التمثيل الذي لم أصل إليه يوماً وكرهت كل شيء لاني أخفقت في كل شيء.

كبرت واكتشفت أن أمي وأبي لا يعيشون قصة حب .. 

كبرت فجأة واكتشفت ان الأطفال يرونني كبيرة .. 

كبرت والاستغراق في النوم بسهولة دون التفكير في اي شي اصبح صعب 

كبرت واصبحت استيقظ من نومي مرهقة غير مرتاحة .. لا ادري لماذا 

كبرت ولم اعد اشاهد قناتي المفضلة .. سبيس تون 

لا يهم كل هذا، المهم انني كبرت وازداد خوفي .. خوفي من كل شيء.

كبرت ولاحظت اني كبرت، واني لا اريد أن اكبر.


 


هناك 7 تعليقات:

  1. مخك ده راكب ازاى انتى عسولة جدا
    ربنا يكملك بعقلك
    ويريح بالك
    ويخليلك مامتك ويجمعك بيها
    وكل البنات والامهات

    ردحذف
  2. لأ يا زينب ، هي ممكن تتقال بشكل سخرية أو بشكل دعوة ، بإن عقلك كبير وربنا يكملهولك عشان يبقى أكبر و أكمل :)

    ردحذف
  3. أزال أحد مشرفي المدونة هذا التعليق.

    ردحذف

رسالة ماتيلدا الأخيرة إلى انطوان

حبيبي، سأذهب قبل أن تذهب أنت.. سأذهب قبل أن تمت رغبتك وشغفك، حينها ستبقى العاطفة فقط، وأعلم أنها لن ت...